قد لا يكون توَّرُد وجنتيك هذا طبيعيا أو علامة على الخجل، ربما يكون إشارة إلى مرض الذئبة الحمراء، وهو اضطراب مناعي ذاتي حيث يهاجم جهاز المناعة خلايا الجسم السليمة، مما قد يؤدي إلى طفح جلدي، آلام في المفاصل، مشاكل في الكلى، وحتى التهابات في القلب والرئتين. في هذا المقال سوف نتعرف على كيفية حدوث هذا المرض؟ وما أعراضه وأسبابه؟ وما هي أساليب العلاج؟
ما هو مرض الذئبة الحمراء؟
تم تشخيص ما يقرب من 3.4 مليون شخص حول العالم بمرض الذئبة الحمراء؛ ما يقرب من 90% منهم من الإناث. ويمكن أن يصيب الالتهاب الناتج عن مرض الذئبة العديد من أجهزة الجسم المختلفة، بما في ذلك المفاصل والجلد والكلى وكرات الدم والدماغ والقلب والرئتين؛ ولكن من أهم الأعراض المميزة له هو ظهور طفح جلدي متماثل على جانبي الوجه وقنطرة الأنف، كتلك العلامات البيضاء الموجودة على وجه الذئب، وهو عَرَض يحدث في أغلب حالات الإصابة بالذئبة وليست كلها.
أعراض الذئبة الحمراء
أسباب الإصابة بالذئبة:
الجينات
التأثيرات البيئية
تأثير الهرمونات والجنس
الأنواع المختلفة لمرض الذئبة الحمراء:
عندما يتحدث الناس عن الذئبة فهم في الغالب يشيرون إلى الذئبة الحمامية الجهازية (SLE)، نظرًا لأنها الأكثر شيوعا؛ حيث يصيب 7 من كل 10 أشخاص مصابين بالذئبة، لكن في الواقع هنالك أربعة حالات للإصابة بالمرض.1. الذئبة الحمراء/الحُمَّامِية الجِهازية (SLE) Systemic lupus erythematosus
الذئبة الحمراء أو الذئبة الحُمَامِيًّة الجِهازية هو أحد أمراض المناعة الذاتية المزمنة (طويلة الأمد) مما يعني أن الجهاز المناعي - جهاز الجسم الذي يحارب الالتهابات عادةً - يهاجم الأنسجة السليمة عن طريق الخطأ بدلاً من ذلك، مما يؤدي لظهور أعراض الالتهاب بأجهزة الجسم المختلفة. لا يعرف الأطباء تماماً أسباب الذئبة الحمامية الجهازية، ولكن يعتقد العديد منهم أن المرض يتطور استجابة لمجموعة من العوامل داخل الجسم وخارجه. ويشمل ذلك الهرمونات والجينات والبيئة، ولكن على الأرجح وجود خلل في الجهاز المناعي يجعله ينتج أجسام مضادة تهاجم خلايا وأنسجة الجسم الطبيعية، معتقدًا أنها أجسام غريبة؛ مما يؤدي إلى حدوث الالتهابات والمضاعفات.2. الذئبة الجلدية
أحد أشكال الذئبة التي يحفز ظهورها عادة التعرُّض للشمس وتقتصر على الجلد، مما يجعلها أقل خطورة من الذئبة الجهازية ولكنها قد تترك آثارًا دائمة على البشرة.3. الذئبة الناجمة عن الأدوية
وهو مرض يشبه الذئبة ويحدث أحيانًا نتيجة استعمال بعض الأدوية الموصوفة لعلاج أمراض أخرى. مثل الأدوية التي تستخدم لعلاج أمراض القلب وضغط الدم، كذلك الأدوية المضادة للصرع، وبعض المضادات الحيوية. ومع ذلك فهي حالة مؤقنة غالبا ما تختفي بعد التوقف عن استعمال تلك الأدوية التي سببتها.4.الذئبة الوليدية (Neonatal Lupus)
ذئبة حديثي الولادة وهو حالة نادرة تصيب غالباً الأطفال حديثي الولادة لنساء مُصابات بالذئبة، نتيجة مرور بعض الأجسام المضادة الذاتية من الأم إلى الجنين عبر المشيمة أثناء الحمل، وليس من خلال الرضاعة الطبيعية. لا يُعد هذا النوع هو نفسه الذي يصيب البالغون، ولا يعني أن هذا الطفل سيصاب بالذئبة عندما يكبر. إنما تقتصر الأعراض على ظهور طفح جلدي على وجه الطفل، والذي يختفي عادة خلال 6 أشهر بعد الولادة.في بعض الحالات، قد تُصيب الطفل حالة تسمى "كتلة القلب الخلقية" والتي يمكن اكتشافها بسهولة من خلال المتابعة مع طبيب النساء أثناء فترة الحمل. ويمكن السيطرة عليها من خلال تقديم الرعاية اللازمة للطفل فور ولادته.من هم الأكثر عُرضة للإصابة بالذئبة:
- يمكن أن تصيب الذئبة النساء والرجال أيضا، ولكن يبدو أن حوالى 70-90٪ من المُصابين بالذئبة من النساء في سنِّ الإنجاب.
- يمكن أن تُصيبَ الذئبة الأطفال (معظمهم من الفتيات) وكبار السن من الرجال والنساء، وحتى الأطفال حديثي الولادة.
- تحدُث الذئبة في جميع أنحاء العالم، ولكنها قد تكون أكثرَ شيوعًا بين ذوي البشرة السوداء (البشر من أصول إفريقية) والآسيويين أكثر من ذوي البشرة البيضاء.
أعراض الذئبة الحمراء:
تختلف الاستجابة لمرض الذئبة الحمراء من شخص لآخر؛ فقد يعاني البعض من بعض الأعراض فقط، بينما يصاب آخرون بجميع الأعراض. قد تظهر الأعراض بشكل مفاجئ، أو تتطور تدريجيًا بمرور الوقت. كما يمكن أن تأتي على هيئة نوبات يُطلق عليها (نوبات الاحتدام)، حيث تشتد الأعراض، ثم تتبعها فترات من التحسن تُعرف بـ(نوبات الهدأة)، حيث تصبح الأعراض خفيفة أو تختفي مؤقتًا.في الواقع، ما يميزه هو الالتهاب، الذي يتطور سريعًا أو ببطء حسب شدة ونوع المرض ليؤثر على المفاصل، والكلى، والجلد، والأغشية المخاطية، وجدران الأوعية الدموية.
الأعراض الأكثر شيوعًا، والتي يتشابه فيها النساء مع الرجال هي ما يلي:
- الصداع
- حُمّى خفيفة.
- تعب مستمر/ إرهاق شديد.
- ألم أو تورم في المفاصل (التهاب المفاصل).
- فقر الدم (انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء)
- تورم (وذمة) في القدمين والساقين واليدين و/أو حول العينين
- ألم في الصدر عند أخذ نفس عميق ( التهاب الجنبة )
- طفح جلدي على شكل فراشة على الخدين والأنف
- الحساسية للشمس أو الضوء ( الحساسية للضوء )
- تساقط الشعر
- مشاكل تخثر الدم
- تغير لون الأصابع، حيث تتحول إلى اللون الأبيض و/أو الأرجواني عند تعرضها للبرد ( ظاهرة رينود )
- تقرحات في الفم أو الأنف.
مضاعفات الذئبة الحمراء الجهازية:
مضاعفات المرض هي الأعراض الأكثر خطرًا والتي تستدعي القلق، وترتبط المضاعفات في الغالب بالنوع الأول والمُزمن من الذئبة وقد تؤدي في النهاية لوفاة المريض في حال تقدم المرض أو تأخر تشخيصه. وخاصة أن ما يميز هذا النوع من الذئبة أنه قد يصيب أيًا من أجهزة الجسم _ ويعود لهذا سبب تسميته بالذئبة الجهازية "المجموعية" _ وهذه بعض المضاعفات الأكثر خطرًا.
الفشل الكلوي:
- يعتبر من أهم أسباب الوفاة بين المصابين بالذئبة. الالتهاب المزمن الذي يصيب أنسجة الكلى قد يؤدي إلى خلل بوظائف الكلى وفي نهاية المطاف، الفشل الكلوي.
- هذه الحالة تتضمن ارتفاع ضغط الدَّم وظهور البروتين في البول الذي يؤدي إلى حدوث تورُّم (وذمة) في الساقين.
أمراض القلب:
- التهاب التامور: وهو التهاب الغشاء المحيط بالقلب، ويمكن أن يسبب آلاماً في الصدر وضيق التنفس.
- تصلب الشرايين: الذئبة يمكن أن تزيد من خطر تصلب الشرايين، مما يزيد من خطر الإصابة بجلطات قلبية.
التهاب الرئتين:
- التهاب الجنبة: وهو التهاب الغشاء المحيط بالرئتين، ما يمكن أن يسبب آلاماً في الصدر وصعوبة في التنفس.
- التليف الرئوي: يمكن أن يؤدي إلى تلف أنسجة الرئة ويجعل التنفس صعباً. كما يمكن أن يحدث انسداد في شرايين الرئة نتيجة حدوث جلطات دموية.
فقر الدم:
- فقر الدم الانحلالي: هو حالة يتم فيها تدمير خلايا الدم الحمراء بسرعة أكبر من إنتاجها، مما يُفقِد الجسم القدرة على الحصول على الغذاء والأكسجين بالشكل الكافي.
- نقص الحديد: الحديد هو العنصر الأهم ليتمكن الجسم من تصنيع خلايا الدم الحمراء ونقصه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بفقر الدم.
التهاب الأعصاب:
- التهاب الأعصاب الطرفية: يمكن أن يسبب ضعفاً أو تنملاً في اليدين والقدمين.
- الصداع النصفي: يمكن أن يزيد من شدة وتكرار نوبات الصُّدَاع من نوع الشقيقة
العدوى:
- ضعف الجهاز المناعي: المرضى الذين يعانون من الذئبة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى بسبب ضعف الجهاز المناعي.
كيف يتم تشخيص الذئبة الحمراء؟
نظرًا لتشابه أعراض الذئبة الحمراء مع العديد من الحالات المرضية الأخرى، قد يكون تشخيصها أمرًا معقدًا.
- الفحص السريري: يعد الفحص السريري الخطوة الأولى والأساسية في التشخيص، خاصة لدى النساء، حيث يعتمد الأطباء على تقييم الأعراض والعلامات الظاهرة.
- الفحوص المخبرية: لا توجد اختبارات مخبرية محددة تؤكد الإصابة بالذئبة. ومع ذلك، يوصي الأطباء بإجراء مجموعة من التحاليل مثل اختبار الأجسام المضادة للنواة (ANA) والتي تُعد من الفحوصات الأساسية، لكن وجودها لا يعني بالضرورة الإصابة بالذئبة، لذا يتم دعم التشخيص بفحوص أخرى مثل تحليل معدل الترسيب (ESR) واختبارات وظائف الكلى.
هل يمكن الشفاء من الذئبة الحمراء؟
لا يوجد علاج شافي تماما للذئبة، ولكن مؤخرًا بدأت تزداد معدلات البقاء على قيد الحياة وارتفعت لـ90% بعدما كانت أقل من 50% في ستينيات القرن الماضي بفضل عدَّة عوامل، أهمها:التشخيص المبكر
- تطور الفحوصات المخبرية والتصويرية ساعد في اكتشاف المرض في مراحله الأولى، مما يسمح ببدء العلاج قبل حدوث مضاعفات خطيرة.
تحسين العلاجات
- ظهرت أدوية أكثر فعالية مثل مضادات الالتهاب، وأدوية تثبيط المناعة، وعلاجات بيولوجية جديدة تستهدف الجهاز المناعي بطريقة أكثر دقة، مما قلل من نشاط المرض والمضاعفات.
الرعاية المتكاملة
- اتباع نهج علاجي شامل يجمع بين أطباء الروماتيزم، أمراض الكلى، الأمراض الجلدية، وأمراض القلب، مما يحسن إدارة الأعراض وتقليل المضاعفات.
زيادة الوعي والتثقيف الصحي
- أصبح المرضى أكثر وعيًا بكيفية إدارة مرضهم، وتجنب المحفزات مثل التعرض المفرط للشمس، والتعامل مع الإجهاد، مما يحسن من جودة حياتهم.
التقدم في طرق مراقبة المرض
- أصبح الأطباء قادرين على متابعة تطور المرض بانتظام من خلال تحاليل الدم والبول، مما يسمح بتعديل العلاج وفقًا لحالة المريض.
أسئلة شائعة حول مرض الذئبة الحمراء:
كم تستغرق مدة العلاج من الذئبة؟
الذئبة مرض مزمن لا يوجد له علاج نهائي حتى الآن، ولكن يمكن السيطرة علىه والتحكم في شدة الأعراض من خلال الأدوية والمكملات الغذائية التي تدعم صحة المريض، وقد يستمر العلاج مدى الحياة للحفاظ على استقرار الحالة.لماذا تعد الذئبة الحمامية الجهازية هي الأكثر خطرًا؟
تعد الذئبة الحمامية الجهازية أخطر أنواع الذئبة لأنها تؤثر على أعضاء الجسم الحيوية مثل الكلى، القلب، الرئتين، والدماغ. ويمكن أن تتسبب في تطور أعراض خطيرة تهدد حياة المريض إذا لم يتم تشخيصها وعلاجها مبكرًا.هل هناك أمراض أخرى مرتبطة بالذئبة؟
في بعض الحالات، قد يترافق مع الذئبة أمراض مناعة ذاتية كـ متلازمة شوغرن (Sjögren's Syndrome)، كمرض ثانوي مرافق للذئبة. حيث يهاجم الجهاز المناعي الغدد المسؤولة عن إنتاج اللعاب والدموع، مما يؤدي إلى جفاف الفم والعينين كأبرز أعراضه. كما يمكن أن يؤثر المرض على أجزاء أخرى من الجسم، مثل المفاصل، والجلد، والجهاز التنفسي، والأعصاب، وحتى الأعضاء الداخلية كالكلى والكبد. وفي حالات أخرى بعض أمراض الغدة الدرقية مثل داء هاشيموتو (قصور الغدة الدرقية المناعي) أو داء غريفز (فرط نشاط الغدة الدرقية المناعي)ولأن جميعها أمراض مناعة ذاتية، فالسبب وراء حدوثها غير مفهوم تماما، لكنه يُعتقد أنه ناتج عن تفاعل بين العوامل الوراثية والبيئية، مثل العدوى الفيروسية التي قد تحفّز الجهاز المناعي لمهاجمة أنسجة الجسم السليمة.هل تنتقل الذئبة بالجنس؟
الذئبة الحمراء ليست مرضًا معديًا، ولا يمكن أن تنتقل من شخص إلى آخر عبر الاتصال الجنسي أو أي طريقة اتصال أخرى.هل يمكن الحمل مع الذئبة؟
بعض الأجسام المضادة قد تنتقل من الأم إلى الجنين عبر المشيمة، مما قد يصيب الطفل بـ الذئبة الوليدية في بعض الحالات. والتي تختفي معظم أعراضها خلال الأشهر الأولى من حياةالطفل، ولكن في بعض الحالات قد تسبب مشاكل قلبية للطفل تتطلب علاجًا طبيًا.ويوصى بأن تكون الحالة مستقرة لمدة 6 أشهر على الأقل قبل الحمل، مع المتابعة المستمرة لتقليل مخاطر المضاعفات مثل تسمم الحمل والولادة المبكرة.إذن نعم، يمكن للنساء المصابات بالذئبة الحمراء الحمل، لكن يجب التخطيط له بعناية تحت إشراف طبي.هل يمكن للأم المصابة بالذئبة إرضاع طفلها طبيعيًا؟
في معظم الحالات، يمكن للأم المصابة بالذئبة إرضاع طفلها بأمان،ولكن بعض الأدوية قد تنتقل إلى الطفل عبر الحليب وتؤثر على صحته. لذا يجب استشارة الطبيب لتحديد الأدوية المناسبة أثناء فترة الرضاعة.هل هناك أطعمة على مرضى الذئبة الحمراء تجنبها؟
هناك بعض الأطعمة التي قد تحفز نشاط المرض أو تزيد الالتهابات، ومنها:- الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والمقلية.
- اللحوم المصنعة واللحوم الحمراء بكثرة.
- الأطعمة الغنية بالملح.
- الأطعمة المعلبة والمضاف إليها مواد حافظة.
- الثوم، لأنه قد يحفز الجهاز المناعي بشكل مفرط لدى بعض المرضى.
هل يمكن الشفاء من الذئبة الحمراء؟
حتى الآن لا يوجد دواء يقضي تماما على المرض، لكن مع العلاج المناسب والمتابعة الطبية، يمكن السيطرة عليه وتقليل نشاطه لدرجة يصبح فيها الشخص قادر على ممارسة أنشطته اليومية بشكل طبيعي ولفترات طويلة.كيف يمكن التعايش مع الذئبة؟
- تناول الأدوية بانتظام تحت إشراف الطبيب.
- تجنب التعرض المفرط للشمس.
- اتباع نظام غذائي صحي مضاد للالتهابات.
- ممارسة الرياضة الخفيفة.
- تقليل التوتر والحفاظ على نمط حياة متوازن.
- الفحوصات الطبية المنتظمة لمتابعة الحالة.